الجمعة، 25 يونيو 2010

.... الجزء الأول : علامة استفهام ...




في ليلة صيفية هادئة , اعتلى صوت صراخ طفل من غرفة الولادة , كنت حينها أعلن قدومي الى الحياة , قد ولربما ندمت على أنني خلقت يوما من الأيام , كانت جملة رددتها طويلا في حياتي , أتساءل في قمة قهري كلما أجهش بكاءا لماذا لم يكن لي اختيار بان ارفض أو اقبل القدوم لهذه الحياة؟ قد يبدو الأمر تافها وربما مجرد غباء !! لكنه يحمل في طياته الكثير من المعاني والأحاسيس , التي على ما يبدو هيمن عليها طابع الحزن والكآبة .

كنت طفلا مدللا, آخر العنقود, انتميت لأسرة معروفة لها اسم وتاريخ عريق, لم نكن ننتمي للطبقة البرجوازية المعروفة بالثراء ولم نكن ننتمي إلى الطبقة العادية أو المتوسطة, كان موقع مستوانا العائلي المالي يقع بينهما الاثنان. بحكم غنى أمي و دخل أبي المحدود.

قضائي اغلب الوقت مع أمي وإخوتي البنات كان ينعكس سلبا على بعض تصرفاتي , بحكم كون الطفل هو عبارة عن صفحة بيضاء , وأي حركة أو تصرف قابل للتسجيل والتطبيق في أي لحظة . لكن في واقع الأمر لم يكن تحديا أو مشكلا عويصا, مع بلوغي و ارتفاع نسبة الوعي لدي, أصبحت أعي وأتحكم بكل تصرف وحركة قد يقوم بها جسدي. لم يكن الأمر سهلا ولكنه في نفس الوقت لم يكن صعبا , كان علي أن أقوم بما توجب علي أن أقوم به , لكن مع بلوغي و الأحاسيس الغريبة التي كانت تجتاحني جعلتني أتوقف كثيرا واتسائل من أنا , لم أكن افقه شيئا في عالم المثلية , ولم أكن أعي بان ما يحصل لي هو أمر قد يحدث عند الكثيرين , فلنقل بأنني لم أكن قادرا على الاستيعاب أن هنالك علاقة غير علاقة الرجل بالمرأة .

بحصص العلوم الطبيعية والحديث عن الشذوذ الجنسي وبحكم الشبكة العنكبوتية لم يستعصى علي الأمر بان أتعرف ولو على تفاصيل ثانوية حول هذا العالم , لكن في واقع الأمر كل ما قرأته كان محض هراء وتخريف من طرف أشخاص يعتقدون بكونهم قادرين على تحليل وفهم المثليين مع أنهم غير مثليين . لا أخفي عليكم أنني بالفعل قد تأثرت بما كتب, بل بمقدار تأثري كنت أبين بطريقة تصرفاتي ولباسي, أنني بالفعل مقتنع بما قيل, وبان هنالك فتاة محبوسة بداخلي, في حين ان الشكل الخارجي هو كشكل رجل , لكن الجوهر و الروح انثى

لم تكن طريقة لباسي مبالغ فيها طالما المودة الرجالية أصبحت مائعة تأنث ما هو مذكر و تذكر ما هو مؤنث , لكن نظراتي كانت توحي بالكثير والكثير , وكانت كافية لكي توقع أي رجل في الشباك إن أردت , لكنني سرعان ما استوعبت بان تقليد الرجل للمرأة , ما هي إلا وسيلة لجذب انتباه أي رجل , كيف لا وأنت تقلد فتاة والرجل بطبيعته يجذبه كل ما له صلة بالأنوثة والإغراء . فلن تكون بهذه الطريقة إلا تشجع أي رجل بعلاقة عابرة تكون فيها أنت الجاني والظالم , في حين تلعب دور الضحية في آخر المطاف . لم ولن ولا يمكن أن يجمع رجل ليس مثلي مع مثلي علاقة أكثر من تلبية رغبات حيوانية , فحينما يريد أي رجل أن يتزوج سيبحث عن فتاة , بالطبع هو يريد أن يتزوج فتاة وليس ذكر يلعب دور فتاة .فكما يشاع الرجوع الى الاصل فضيلة .

في واقع الأمر انتشر الشذوذ بنسبة كبيرة, بل أصبح اغلب رجال هذا العصر يستغلون المثليين أبشع استغلال لتلبية رغباتهم الحيوانية , كيف لا , وهو يستطيع أن يدخل معه ذكر إلى بيت عائلته وإمام جيرانه على انه صديق , في حين انه مجرد وسيلة يستعملها لتلبية رغباته ثم يرميها بحقارة , عكس أن تدخل فتاة معك إلى البيت فالأمر واضح وضوح الشمس. وأيضا لا خطورة للذكر مع ذكر بان يقع حمل , رغم أننا نعلم تمام العلم بان هنالك اختراع اسمه الواقي , لكن فلنكن واقعيين , فالرجل لا يستمتع الاستمتاع الذي يجنيه من علاقة بدون واقي مقارنة بالعلاقة التي يستعمل فيها الواقي , أوليس كذلك , بالطبع نعم. دون أن ننسى بأنه ليس هنالك خوف من فقدان الفتاة عذريتها بفض غشاء بكرتها, أي أن الرجل الذي يستغل ذكر لعلاقة جنسية ويوهمه بالحب والرومانسية ويناديه باسم فتاة ويطلب منه أي يلبس ملابس داخلية في لون احمر سرقها من أخته أو أمه , ويناديه باسم زوجتي وحبيبتي , فهو مجرد مخادع وقح , تحكمه رغبات حيوانية , ولا يشكل له أن ينكح ذكر أي تقليل من رجولته , لأنه يرى المثلية هي شريحة ذكور مخنثون يحبون ويتمنون أن ينتمون لصنف الإناث , بالفعل تفكير سطحي إن دل فهو يدل على تخلف مجتمعاتنا ونسبة الأمية واللاوعي المنتشرة . لكن اللوم ليس فقط على الغير مثليين اللذين يستغلون المثليين , بل على شريحة المثليين المخنثين التي أعطت منظورا خاطئا للمجتمع لتعريف المثلية , التي لها معاني سامية , حولتها إلى مجرد علاقات جنسية وخروج عن الطبيعة .

عدم اقتناعي بالمقالات, الأبحاث والبرامج التي تناولت قضية المثلية هي التي دفعتني إلى البحث والتعمق في هذا العالم , لكي اعلم في آخر المطاف من أنا وما المفترض علي أن أقوم به فيما يخص بهويتي وبكينونتي وشخصيتي وما يجتاحني من مشاعر وأحاسيس وانجذاب عاطفي وجنسي لنفس المثل , كنت كمثل أي مثلي أظل أفكر طويلا ولا انتهي إلا بعلامة استفهام كبيرة إن دلت فهي تدل على الامنطقية بين الواجب والواقع , حينها .

استمر الحال على ما هو عليه , إلى حين أن قابلت شخصا قد غير حياتي في مرحلة عمرية معينة , كان زميل لي في الفصل , تعرفت عليه أول مرة في اليوم الأول الدراسي , حين تقدم لكي يطلب مني الإذن بالسماح له بالجلوس بجانبي , رحبت به بكل ود وحب , جلس وتبادلنا الحديث , لم أحس بالممل معه , بل كان هنالك شيء غريب مميز فيه , كان بشوش الوجه , جميل الشكل , لم أفكر فيه بطريقة جنسية , لكنه بالفعل كشكل و أسلوب حديث , كان كافيا لكي أكون سعيدا برفقته وصحبته . مرت الأيام وأصبحنا طيلة أوقات الدراسة مع بعضنا البعض, لا اخفي عليكم بأنني كنت سعيدا بعلاقتنا, وكان بدوره مقدرا لما يجمعنا.تطورت علاقتي بإسماعيل بسرعة لم يتخيلها ولم يستوعبها عقلي .فتقربه مني وإصراره على تمضية اغلب أوقاته معي كان كفيلا بان يجعل له مساحة خاصة في قلبي.لكن الشيء الذي بالفعل لم أكن اعتقد بأنه يمكن أن يحصل قد حصل .

فعلاقتي به أخذت منحى مغايرا , ارتفعت إلى مستويات غريبة وعجيبة ,لمستويات غير عقلانية وطائشة ,لمستويات لم أكن اعتقد يوما أن لديه الجرأة لكي يقوم بها .فاجئني دلك اليوم عندما كنا في حصة الدعم الخصوصية الخاصة بمادة الفيزياء ,بوضع يده على فخدي ومداعبته بأطراف أصابعه عليها بكل هدوء .لا اعلم لمادا لم امنعه ولما لم أقم بإزالة يديه مباشرة. تجرئ أكثر وقام برفع رجلي ووضعها فوق رجله. لا اعلم دلك الإحساس الذي انتابني ,لأول مرة في حياتي اشعر بنشوة قوية اتجاه احد , والمصيبة و الطمة الكبرى أنني أحسها مع إسماعيل , مع من اعتقدت بأنه صديقي المقرب .

يتبع...

مواضيع ذات صلة

.... الجزء الأول : علامة استفهام ...
4/ 5
Oleh

إشترك بنشرة المواضيع

.اشترك وكن أول من يعرف بمستجدات المواضيع المطروحة